Translate

الثلاثاء، 12 مارس 2013

رسالة الى مجهول الاديبة عبير عواد






رسالة الى مجهول 

الاديبة عبير عواد
مصر




إليك يا من اقتحمت حياتي بلحظة خاطفة, وبلمحة خيالية لا أعلم كيف بدأت ها أنت ذا 
وها هي أنا أحكي لك ومعك..
يا من شاركتني بعض من أسرارك .. بعض من رسائلك.. بعض من خلاياك ودمك الذي تكتب به مدادًا لحرفك.. وبعض من أوراقك التي لن أطلب منك سوى أن أصونها وأحفظ كلماتها بقلبي..
جربت أن أكتب إليك ردا على رسالة حب تبدو كما لو كانت بالأدراج منسية. ولكنها رسالة حبك وقصة عشقك أنت لم تكن لي ولن تكون, و لكنني بها عرفتك أنت!! لم أكن أنا حبيبتك.. ولن تحبني مثلما أحببتها يومًا!!
وأنا لايهمني أن تحببني نصف ما أحببتها أو حتى ربع مقدار حبك لها..  كما أنني لا أطلب منك أن تحببني فلست هنا بموضع مقارنة مع ماضيك.. أو حتى طلب لمستقبل آت بعيد..يكفيني الحاضر أشاركك بعض من دقائق أيامه.. بعض من ساعات  بأسابيع طوال.. يكفيني ويزيد!! ليس عن زهد منك فيك!! ولا لأن الحب عندي لا يعرف الطمع!! فمن يحب لا يرضى إلا بكل الوقت.. إلا من أحب بطريقتي أنا فيكفيه بعض الوقت لأنه بالحب يتضاعف بالذاكرة والذكرى لتصبح الدقائق ساعات تُعاد مرارًا وتكرارًا بدواخلنا وتصبح الأيام شهورًا والشهور سنوات..
لن أكتب إليك رسالة لم تكتب مثلها عاشقة قبلا.. أو يتداولونها فيما بين العشاق..

أو لم يُكتب مثلها, ولن يُكتب مثلها أبدا..  ولكنها ستكون رسالتي أنا لك وكفى!!
جربت أن أترك العنان لمخيلتي وأبثك أشواقًا لم أشعر بها وأصفها قبلاً..
و جربت أن اكتب إليك كما لم أكتب من قبل , فكرت هل سأستطيع الانسلاخ عن جسدي وعقلي ومشاعري واكتب إليك بلغة لم اكتب بها أبدًا؟  فلكل من يمسك بالقلم طريقة بالكتابة لا تتغير وأسلوب بطرح فكرته وما يشعر به وما يحسه.. يظل  ملاصقا له في كل ما ينطق به من حرف اتخذ الورقة له مهدا ومستقرا..
وأنا أريد ان اتحرر معك لحظات من نفسي من قيودي من واقعي من حياتي من أحلامي السابقة وأفكاري التي تحاصرني
من الصورة التي أنا عليها والتي تراها الأعين.. أو من الروح التي لمسها وأحسها كل من تقارب معها..  فما زال هناك جزء لم يمسسه بشر ولم يعرفه إنسان.. فهل لي أن أطمع أن تكتشفه أنت.. أنت شارفت على لمسه.. أيقظته من سبات عميق يبدو وكأنه به منذ الأمد من قبل حتى أن أولد!! جزء مكنون مطمور يسكن كما لو كان افتقد  الحياة ولكنه في بيات مطول.. مرت عليه عشرات مواسم الشتاء وغادرته وما زال بسباته يرفض أن يصحو ويستيقظ.. فجأة ارتج بداخلي وبدا كما لو كان قد أوشك على التحرك..  سأتركه يمضي كما يشاء لو أراد القيام.. فهو بالقطع سيذهب إلى المكان الذي ينشده أياً كان!! ربما لا يحتاج أن يبقى أسيرًا أكثر من هذا.. ربما سيأتي إليك أنت ليبقى أسير عينيك وقلبك.. يرافقك كظلك ولا يرهقك من أمره شيئا..
سيدي...
 الحب عندي  يعني شيئاً لم أصادفه ولم أعرفه أبدًا.. الحب عندي كان يعني ذوبان, وإعادة تكوين وتشكيل.. طوفان مشاعر, احتياج واجتياح..  جموح وجنوح سفينة الحب في بحر الحياة.. كلمات لا تنطقها الشفاه تكتبها الأنامل وترسمها.. أو كلمات لا تُكتب يستشعرها القلب وتنطقها العين كهمس داخل النفس لا تسمعه إلا نفس!! حديث الروح لاينقطع.. حديث الروح  لا تشاركه شهوة الجسد المكان.. فالروح هي التي تشتهي الروح هي التي تشتعل بالرغبة, والجسد ما هو إلا أداة للإتيان بفعل منبعه محبة تواصل واتصال استكانة وسكون ولحظات من الجنون!!
الحب لا يعرف أنت ولا يعترف بأنا.. الحب نتاج عملية  حسابية لا تنتمي لعالم الأرقام..  أنت وأنا معطى.. ونحن ناتج وبرهان... نظرية لم يعرفها ولم يكتشفها عباقرة علماء الكون!! بلحظة تواقت قدري مسطور بأحرف من نور في كتاب الزمن يكتشفها اثنان معا.. لا تتم ولا تكتمل أسانيدها إلا بهما معا.. لا ندية بينهما لا أفضلية ولا جدال ولا انهزامية أمام استعلاء.. ليست ذكورة لاتعرف معنى الأنثى!! أو أنوثة لا تستوعب قيمة الرجل.. اثنان يمنحا ويعطيا يطلبا ويأخذا قدر ما يحتاج كلاهما لا قدر ما يطلب أحدهما هذا الشيء أو ذاك!!  الحب بين اثنان لا يعرف القيود والفروض والواجبات!! أنانية أن يقول المحب هذا لي وهذا عليك ,, وسذاجة أن يطلب الحبيب شيئا يعتقد أنه يرضيه.. الحبيب فقط و المحب هما من يمنحا بلا سؤال ولا طلب ولا استجداء..
الحب عندي أن أقبل حبيبي ذاتًا وكيانًا وإنسان..  قويًا بلحظة يزود عني كل ما في الكون.. وبلحظة يرتد طفلاً صغيرًا يرتمي على صدري يطلب الأمان.. لا يخجل من دمعة فرت أمامي من عينيه بلحظة أحس فيها معي الأمان.. 
أقْبَله وهو شاردا ومتنبها.. سارحا بعيدا عني.. يحدثني أو مسافراً وحده بعالم الخيال... أقبل رعونته وطيشه جنونه وتعقله.. أقبله وهو غاضب وهو هادئ وهو حزين وهو ضاحك وهو قريب مني يدانيني بجسده وبروحه.. أو بعيدا عني تفصل بيننا امتار... أقبل خصوصياته وتفرده وانفراده.. أقبل حاجته إلى السكينة ما بين وقت وآخر والانعزال.. وأقبل لحظاته التي يسيطر فيها على كياني وذاتي.. أقبله آمرا ناهيًا أو طالبًا لمشورتي أو نصيحتي..
يُشعرني بين حين وآخر أنه يحتاجني يحتاج وجودي وتواجدي.. يستمد مني العون والمدد.. يعرف أنني بحبي وعشقي سأجعل منه عظيمًا يُشار له بالبنان.. يشاركني أسراره ليس لأن فضولي يطلب المعرفة ومنها يستزيد, بل لأنني كاتم أسراره و لأنه يحكي حتى أشاركه كل ما يريد.. يرضى بهفواتي الصغيرة لأنه يحترم فضائلي الكبيرة.. يعلم أنني أنثى يشعرني بهذا بكل لحظة.. يراني أنثى وأنا أشاركه الرأي بعقلي وقلبي.... وأنا أقرأ وأنا أكتب وأنا حزينة وأنا فرحة.. وأنا مرهقة متعبة شاحبة أو.. وأنا بكامل زينتي أنتظر.. هو يعلم أنني أنثاه بكل حال وعلى أي هيئة وبكل أوان... يلمس أنوثتي المستقرة بداخلي قبل أن يرى أنوثتي التي تتجسد بارتدائي قلادة أو ثوب!!
و يقبلني ضعيفة أو قوية.. ماجنة  لعوب أو ساذجة بريئة.. هادئة ثائرة مترددة واثقة.. تضحك بجزل أو تبكي كالأطفال.. يقبل صمتي ويتقبل ثرثرتي.. يقبل حكاياتي الصغيرة التافهة, وأموري الكبيرة المعقدة.. يقبل اخفاقي وفشلي في أن أفعل شيئا بطريقته لأنه يقبل اختلافي عنه و يحترم طبيعتي..
سيدي لم أختبر هذا الحب يومًا, ولم أعرف أكان أوهام طفلة!! أم هو بالفعل موجود؟؟؟  سيدي وأنت رجلا قد خبرت الأنثى هل أخطأت أنا بأفكاري.. هل هي أوهامي!! أم هي أحلامي التي تتحول بأرضك إلى واقع أعيشه وأحياه؟؟؟
هل ما فكرت فيه يا حبيبًا لم أعتقد أنني عرفته أو سأعرفه يومًا ما مجرد سلسلة من الأخطاء...
ولا أدعي مثالية الأشياء... هذا ما كنت أظنه ولم أجده!! وها أنا ذا أقف أمامك لأعترف ببعض مما أحمله بين ثنايا وجداني... بما يعتمل بقلب بداخله كم من الحب يوشك أن يصرخ أحبك يا أيها الرجل!!
وليسمع كل الكون! ها قد وجدت ضالتي أنشودة عمري!! فهل وجدت أنت لدّي شيئا يستحق أن تناديني حبيبتي!!!!!
سيدي... أخشى أن أكون قد أطلت عليك بأول رسائلي.. الأولى؟؟ نعم سيدي فلم أنتهي بعد!! أكتب إليك من أعماق لم تشاركني الكتابة من قبل.. أخشى أن أستبيح لنفسي أكثر مما تمنحني من الوقت!! لذا سأختتم هذه الرسالة على وعد مني بمواصلة الحديث ومتابعة الاعتراف..  الآن يا حبيبي يجتاحني شوق إليك وتعتريني رغبة الروح  أن تتمازج مع روحك بعناق أبدي..
 الأنثى تريد أن تستزيدك عشقًا والطفلة تنسحب بخجل.. تطلب مزيدًا من الوقت!!


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق