صفاء
الشبلي
(سورية)
أنا و أخواتها
و حين أمشي في شوارع اسطنبول
تتقمصني كل الشخصيات التي عشتها في خيالي و عاشتني في افتراض يقينها
فتارة أكون الفتاة العاشقة التي
تجول في المضيق لتمنح هذا الشوق الجارف أن ينطلق في مدى السماء و البحار .. أن يتسع
في مضيق وهب نفسه للعشق للجمال لقلوب ضاق بها حنينها و لهفتها..
و تارة أكون تلك الفتاة البائسة
الحزينة التي فقدت أمها فحاولت الهروب من وطأة الحزن و الفراق و راحت تجوب الحافلات
و الميترو و الترام باحثة في وجوه الناس عن دفء يشبه قلب أمها ..عن أمل مفاجئ ينتج
من صدفة اللقاء بأحد له ذات الوجع او ذات القلب او ذات الروح ..
و تارة أكون المجنونة المحاربة
لليأس أتنزه في الحدائق أشاهد لعب الأطفال بمتعة عظيمة و أراقب عيون الأمهات و أحاول
سبر أمومتهن من لمعة العيون و ملامح الوجوه ..
أنتقل الى شارع الاستقلال في
يوم السبت حيث يبدأ الناس بممارسة متعهم الخاصة في بداية عطلة الاسبوع .. أتأمل حيواتهم
و انفعالاتهم و صداقاتهم و غناءهم مع المغني عازف الغيتار و فرقته .. أجن بتأمل جنونهم
و أعيشهم و هم يشربون أنخاب متعددة المعاني ..
نخب العشق و نخب الصداقة و نخب أول راتب للعمل و نخب العزوبية و نخب الزفاف و نخب أول طفل كان
ثمرة للعشق ..
و حين أجوب شوارع اسطنبول
.. لا تعلمون كم حياة أعيشها و كم ..
و أنا في عز وحدتي أكون مزدحمة بالشخصيات ! .