Translate

الثلاثاء، 9 أبريل 2013

فيلم "النافورة" "The Fountain " تقديم // الاديبة عبير عواد


فيلم "النافورة" "The Fountain "
تقديم // الاديبة  عبير عواد
مصر

السديم ( الضباب الرقيق ) ، أحيانا نراه في السماء و يكون واضح المعالم كنجمة مضيئة في الليل و يعود سبب ضيائه إلى الضوء المعكوس عليه من النجوم المحيطة به ، هذا السديم و بحكم الطبيعة لابد أن ينفجر في يوم من الايام مما يؤدي إلى تكوين نجوم جديدة .
هذا السديم يسمى عند المايا "شيبالبا" ، و حسب اعتقادات المايا فإن الشيبالبا هو المكان الذي ستنبعث منه أرواح الموتى من جديد ، لذلك فإن أرواح موتاهم تذهب إلى هناك و عند انفجار النجم فإن هذه الأرواح سوف تبعث من جديد ، وهنا تكمن اسرار المايا و هو معرفتهم بمكان شجرة الحياة قادرة على اعطاء الانسان الخلود و الشباب الأبدي ( هناك عدد من الثقافات من لديها ايمان بوجود هذه الشجرة ) . 

قصة الفيلم تسير في الماضي البعيد و الحاضر و المستقبل البعيد ، في الحاضر نجد أن الدكتور "تومي" يعمل في مختبره و يقوم بالابحاث و التجارب المستمرة لإيجاد علاج لوقف انتشار السرطان ، في حين أن زوجته "إيزي" في المنزل تعمل على انهاء روايتها التي تدعي The" Fountain " وهذه الزوجة أيضًا مصابه بالسرطان وهي تعلم جيدا ان أيامها أصبحت معدوده و قريبا ترحل عن سجن الروح و هو جسدها الذي لا يستطيع تحمل المزيد من الصراع مع المرض ... و لكنها لن تترك الحياه بلا معركه أخيره , معركه ضد الموت و نحو الخلود ... 

فبعد رحلتها الأخيره لدراسة حضارة المايا تلهمها أسطورتهم عن النجم "شيبالبا" ذلك النجم المحتضر الذي يسكن الفضاء ينتظر أن ينفجر لكي يخلق الحياه للنجوم الأخرى ... 
وتتخيل زوجها بالرواية هو الفارس الأسباني الذي يحاول القضاء على الفساد الذي دبّ في أسبانيا بسبب أحد القضاة الطغاة الذي يدعي أن الموت هو سيد الجميع في مقابل الوعد الذي قدمته الملكة للفارس "توماس" بالزواج منه إلى الأبد إذا استطاع إيجاد سر شجرة الحياة ، من خلال المهمة التي يكلف بها مع مجموعه من الجنود يقودهم كاهن يدعي الأب "أفيلا" لكي يصلوا إلي شجرة الحياه خلف معبد المايا الذين يحرسوه حتي الموت .... 
و بعد صراع مع الوقت و المكان لا يبقى غير الفارس "توماس" أمام شجرة الحياه ولا يفصل بينهما غير زعيم المايا الأكبر الذي يحمل بين يديه الموت مصيرا للفارس ... فلا يرى الفارس بعد ذلك غير الموت !

وعلى صعيد آخر وبالحاضر تطلب "إيزي" من "توم" أن يقوم بإنهاء القصه و يبحث بداخله عن النهايه السعيده لرحلتها نحو النجم المحتضر الذي عندما ينفجر يمدها بالحياه و يمنحها الخلود ...... 
يقع "توم" أسيرا بين الواقع و الخيال بعالم اللاوعي يبحث عن وسيله لكي ينقذ محبوبته و كي يصل بها لـ "شيبالبا" 
و عندما يصل "توم" إلي هناك يدرك معني واحد و هو
أنه هو "شيبالبا" و انه هو الذي يحتضر من أجل محبوبته فهو يكرس وقته لكي ينقذها و يبحث عن وسيله لكي يمنحها الخلود و من هنا 
فإن إنفجار الحب بداخل قلب "توم" هو الذي سيحرر "إيزي" و هو الذي سينهي رحلتها ... 
لأنها ستبقى دائما و أبدا معه في كل وقت و ها قد حانت اللحظه ! 

وعليه أن يحررها ويتركها تموت وكأنه "شيبالبا" ينفجر ليمنحها الخلود 

ما يقدمه الفيلم هو فكرة تقبل الإنسان للموت و نظرته إلى الخلود . 
وذلك عن عرضه لمدى تقبل الحال و الرضى بالواقع في مقابل العمل لمحاولة التغيير إلى الأفضل ، والفيلم رغم عوامل الإبهار والتقنية العالية لمؤثراته البصرية إلا أن بعده الإنساني والروحاني أعمق بكثير.. يجب أن تشاهدوه!! 

الفيلم تأليف وإخراج دارن ارنوفسكي وتم عرضه في نوفمبر 2006 بطولة الرائع الذي يسحرني دائما بقدرته على معايشة الشخصية التي يؤديها بعيدا عن وسامته النجم "هيو جاكمان" "وولفرين" في سلسلة X men وبعيدا عن الفيلم و بمنتهى الصراحة أعترف أن هيو يمثل لي نموذج الرجل الوسيم و الفارس النبيل!! أحبه بكل حالاته لأنه يذكرني بفناني الزمان القديم أمثال جريجوري بيك و كيرك دوجلاس و جيمس ستيورات... وبهذا الفيلم فقد كان هيو جاكمان بطلا بكل المقاييس وبشهادة النقاد والمتفرجين عايش الشخصية وأقنعنا أنه هو "توم"... 
أمامه النجمة الجميلة "رايتشل ويز" وكانت في هذا الوقت خطيبة دارن وهي بطلة الجزءين الأول والثاني من فيلم المومياء برقتها وبملامحها التي تنقل للمشاهد إحساسها بما تحياه وتمثله داخل القصة!!

الفيلم يحمل لنا الرساله التي نفتقدها الآن و هي أن نضحي بلا حدود من أجل من نحب وأننا لن نُسعد من نحب بمحاولة منحه نبضات إضافية للحياة بل يكفينا أن نخلد ذكراه!! أن يبقى من نحبهم في قلوبنا يحيطون بنا في أجواء الكون ...... 

أو كما قيل في أحد التحليلات عن الفيلم :
((
ازرع بذرة الحب فوق قبر المحبوب فتكون طريق ليخرج من الأرض ...لينمو كشجرة حياة فإذا أكل الطير منها أصبحت روح المحبوب تسابق الرياح.... و تنتشر من حولك))

هناك تعليق واحد: