Translate

الأربعاء، 17 أبريل 2013

رسالة الى صديقي فاروق سلوم



رسالة الى صديقي
فاروق سلوم

تحية وود
وكما تعلم انا رجل جاد لكني اتعلم من الزمن ان الجدل حقيقة وان التحولات دائما تسبق العقل العربي
ولاتغضب مني ان قلت والعقل الأسلامي ايضا  .
 انت وجمهرة غفيرة من الناس في منطقتنا ماتزال تعيش فكر وقناعة عقد الخمسينات من القرن الماضي .. خمسينات الأنقلابات والفكر القومي وايديولوجيا الأحزاب الواحدة المركزية وخمسينات تتويج الدكتاتوريات الفردية . وماتزالون متمسكين بلغة السيوف والخيول وابطال الفتوح في خطابكم ، اي ماتزالون تظنون انكم بأنقلاب قادم تستعيدون المبادرة . والحق هذا ليس فقط وهم كبير بل هو توكيد انك مازلت تعيش تلك الحقبة بكل مكوناتها اللفظية ،  اي انك لاتعيش عصرك ولم تتأمل بعمق الزلازل الرهيبة التي ضربتنا ارضا وشعبا .. ماضيا ومستقبلا  . وقد تفهم خطأ حين اقول لك انني اعيش عصري وكأني انسحب من انتمائي وهويتي وتاريخي ، بل اعني انني افهم ان التحولات التي حصلت ليس فقط بفعل الأحتلال الأمريكي للعراق او بفعل مايجري من ثورات شعبية عارمة في المنطقة تحت مسميات ودوافع شتى .. بل انك انت وهذه الجمهرة الكبيرة التي مارست اعتى درجات التحكم بالبشر والسلطة هي التي انجبت شعوبا وقبائل وطوائف ومكونات  ومسميات واجيال انتمت الى اضيق الهويات - تحت القمع والتكميم والمحو -  لأنها كانت ترفض اللون الواحد والفكر الواحد والقائد الواحد والهوية الواحدة . واقول ان العراق : اعراق ، ومنذالفتح الأسلامي حتى عام 2003 ومحاولات تعريب مكوناته قسرا لم تؤدي الاّ الى مزيد من التفتت الداخلي والأنتماء الى عتمات الهويات الصغرى حفاظا من تلك المكونات على نوعها وعلى بقائها .. وكم طالبنا وماازال اطالب بالعناية بثراء التنوع العرقي والديني في العراق بأعتبار ذلك عنصر قوة في عراق الماضي وكانت تلك الدعوات تذهب ادراج الرياح امام الفردية المتحكمة حد الغاء كل ذات اخرى . 
واذ راهن المحتل الأمريكي ومن معه على ورقة  التنوع العرقي والديني اليوم فأنه رهان جاء في غير وقته اي في وقتِ تفجرت فيه انحرافات تلك المكونات وخرجت عن سياقاتها ودورها التاريخي  وليس في وقت  توهجها الأيجابي كما في عقود السبعيينات والثمانينات من القرن الماضي بل جاء رهانا في زمن خروج تلك المكونات عن سياق دورها التاريخي بسبب القمع والتبديد وسوء ادارة المجموعات الشعبية والمكونات طوال نصف قرن مضى . 
لذلك اخطأت ادارات الأحتلال  الأمريكي وماتبعها من حكومات الى اليوم في النظر الى الطبيعة النفسية لتلك المكونات واختارت اضيق سبل ادارة البلاد عبر المحاصصة والطائفية. ولذلك فأن مايتكون اليوم من فكر مضاد للهيمنه الجديدة هو فكر ليبرالي مديني يناويء الخرافة الأيديولوجية والدينية والطائفية معا ..  وسنكتشف ذلك فيما بعد بتفصيل ادق حين يحين الوقت بحسب الحتمية والجدل .  ولاتظن ان مايعتمل داخل الوجدان الوطني العراقي هو اتجاه لصالح الأيديولوجيا والقومانية والحزبانية والفردانية ... ابدا ياصديقي انها  تشتغل على اهداف حاضرها ومستقبلها الليبرالي الحر المفتوح وليس اهداف ماضيها .. وهنا الفرق بيننا ايضا هو انك تعيش الماضي وتتقمصه ويسكنك بكل منجزاته حتى احباطاته وثاراته  ولاتستطيع منه فكاكا لذلك تجد ان اختياراتي الحرة وكتاباتي المنعتقة من كل اغلاق لاتلتقي اطلاقا معك و مع الماضي ذلك انني اعيش بوعي تحولات الناس والعقل والذات في  الحاضر ومنجزاته العلمية والمنطقية  كما اعيش الغد واتعامل معه بواقعية وعقل مفتوح . ان مايحصل هو جزء من الزلزال الذي ضرب جزءا من مكون الشخصية العربية : ارث الهوية ولكن الزلزال القادم اخطر حيث سيضرب جوهر الدين في عمقه حين يتفجر الجدل بين الوحي وبين العقل ... وتلك قضية اتركها لتعيشها لأنني لو تحدثت عنها فأنك قد ترميني بالزندقة او بمسميات  عصور الخلافة الوسطى المعتمة .. وطلبي ان لاتشخصن العالم والوعي والثقافة والحوار ... اجعل فسحة الحوار خارج مراجعك من المسعودي وابن كثير والطبري والترمذي وابن قدامة والقرطبي والسيوطي والبخاري ومسلم وغيرهم من سلسلة الرواة ... اريد منك اسانيد مراجع عصرك وارقامه وجداوله ومنجزات تقنياته  ومحاكماته العقلية في التربية والثقافة والسياسة والأقتصاد والفكر .. ولاتبتئس من وجدانياتي اذ اختار اغنياتي وكتاباتي وقصائد غزلي وحواراتي المنفتحة ومكاشفاتي الصريحة فأنا اعيش وجداني وضميري الحاضر الحي  واجمع كل مااظنه منطقي وعلمي و حقيقي دون مواربة او غش او انغلاق ودع حوارنا يتواصل بوعي ودون وصاية

صديقك
فاروق سلوم
وفاءا لطفولتنا وصبانا
وحياتنا 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق