Translate

الجمعة، 20 نوفمبر 2015

وراء الغياب قصيدة الشاعرة امال القاسم



وراء الغياب
 قصيدة الشاعرة
امال القاسم
الاردن

على تلَّةِ الوقتِ
كُنتُ أشيِّعُ الكثيرَ من اللهفةِ والدقائقِ
أقلِّمُ أفكاري على ناصيةِ العمرِ ..
وكفُّ القدَرِ تثقلُ ورقةً أتعبَها الندى ..
حين أخذَني النُّعاسُ وغلَّفَني البرْدُ
وأنا بينهما علامةُ استقهامٍ
تستلقي على ظهرِها
آيلةٍ للذهابِ إلى العدم ..
طرقَ حلُمي .. طلَّ بأبهى ابتسامةٍ وحُلَّةِ ..
سلامٌ مخضَّبُ النّزفِ
لروحِكَ يا أبتِ .
قالَ : خبّريني عما وراءَ الغيابِ ، بُنيّتي
أبتاهُ ،
آهٍ ، ما لِصوتِكَ إذ سرى
والفجرَ في مجرى وريدي ..؟!
ما لروحِكَ تُذيبُ ملحَ طينتي ..
في جذريَ العنيدِ ..؟!
ما لعينيكَ تشعلانِ جزءا من رُعاشي
في خِدْري وقصيدي ..؟!
أبتاهُ ،
أيُّها القادمُ والناسُ نِيام
وااحرَّ شوقي للمهدِ .. لطفولتي ..!
النومُ القديمُ يبرُدُ في أغطيتي
تجاعيدُ الكونِ تسافرُ في سُلالةِ سُمرتي
والبنفسجُ هاربٌ من راحتيَّ ..
أختنقُ بالاسئلةِ والمدى
كلّما هزمَتْني فكرةٌ ؛
أجادلُ صمتي بهزيمتي ..
قالَ :
جنِّدي ما استطَعْتِ من بقايا الضُّوءِ يا كبدي ..
وابحثي عمّا تركتُ على مسائِكِ
من حروفٍ وشموعٍ ..
وفي مِعْطفي البطوليِّ
لَمْلِمي حبّاتِ التّرابِ ..
ووطناً ممزَّقا تناثر في جبيني ..
أبتاهُ ..
عذراً إن بدوتُ معاتبةً معاندةً
تلكَ الحروفُ بغَوْرِها آلامي
تهَدْهِدُ على شفتيَّ بالجرْحِ
يقودُها حُسامي ..!!
يا عبقَ المواجعِ ،
هل يمزِّقُ ظِلٌّ في الثّرى ظِلَّه ..؟!
أم زفرةٌ من ربيعٍ مالحٍ ..
تلفِظُ الخريفَ خِلَّه ..؟!
من أثقلَ الخدّينِ بدمعةٍ حبلى ..؟!
من شَقَّ في المنافي والخيامِ
خاصرةً لم تزَلْ طفْلة ...؟!
أبتاهُ
سماءُ وطني لا تنسكِبُ
على الحكايا الناعساتِ ..
ظِلالُ وطني تتجوَّلُ في منامي ..
صباحُ وطني لا يتكلَّمُ
مساءُ وطني يهربُ بالأشجارِ
حِنّاءُ الحزنِ في خدرِ نعاسِه
يُقَهقِهُ مقتولا ..
شجرةُ التوتِ تبكي ثوبَها الفقير
الرَّوضُ باكٍ على جارتِنا الثكلى
لا عُرسَ للضّوءِ في المدائنِ الذبيحةِ
لا صحوةً للتاريخِ في أوردةِ الرمادِ
جنائزُ النهارِ تشيِّعُها نواقذُ الصقيع
والشرفُ المستباحُ نسي أن لليتيمِ رباً
لا تُسهبي يا أحلامي ..
في السنابلِ الخاوية ..
الرياحُ تعبثُ في سكينةِ الوجعِ
في أرقِ الأطفالِ
والعشاقِ
والفقراء ..
في حلُمِ يتيمٍ وقفَ ببابي
وقد مسََّهُ الجوعُ  بلا سعيٍ
على سبيلِ الأرغفة ..!
لا جسرَ يحملُنا إلى اللّحنِ الأخيرِ
لا رثاءَ في جعبتي
في الشامِ جرحٌ
في العراقِ قرحٌ
في اليمنِ شرخٌ ..
وأخوةُ هامانَ ..
يعيثون في الخمرِ غرقى
آخرُ أنفاقِهم سرابٌّ
آخرُ أرواحِهم خرابٌ ..
قال    :
لا شيءَ يا حبيبتي سينتهي
سوى النهارِ حين يلفُُّّهُ الظّلام
هذي الصباحاتُ لا تعرفُ الطريقَ
نحو غربتي ..
رأيتُني حين أترُكُ المكانَ
تعاتبُني الحكايا التي لم أعِشْها
تتبعُني الشوارعُ والظلالُ
كأني لم أمُتْ قبلَ هذا ..
يا صرخةَ الوجيعِ
في مدادِ الخارطة
في باسقاتُ المجدِ
لكِ في الصبرِ أجرُ
ولهم على ثغرِ العهرِ قبرُ ..
كم مرةً أقولُ أني لم أمُتْ
كم مرةً أقول أني لن أموتَ
كما تموتُ التواريخُ  ..!
أبتاه..
يا أيُّها الصّدرُ الذي مازال غضاً للعُلا ،
أنا حبّةُ القمحِ التي أنبتَتْها أمي بعزّةِ نفسِها ..
وأنا من ملأتُ حقلَ أبي كبرياء ..
وأنا يا وطني ،
من جعلتُ جسدي تحتَكَ صوفا للطريق ..
وتركتُ جسدي كلَّه على الطاولة ..
إني لا آكلُ التراب ...
إني لا آكلُ التراب ..! !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق