Translate

الثلاثاء، 29 سبتمبر 2015

شيئٌ ما من الرصيف المقابل بقلم الكاتبة رندا جبين


شيئٌ ما من الرصيف المقابل ... 

بقلم الكاتبة رندا جبين

حين. تتزوجي فلاحا فلسطينياً ببذلةٍ جامعية ..وبين يديه دفتر تحضير الدروس ....
يتآبط حقيبة سامسونايت وينتعل حذاء لامعا وهو يحضن ساعة تصرخ بوقتها الثمين ....
ما إن. ينتهي دوامه في المدرسة كأستاذ يرمي كل شيء وراءه كطرزان صارخا ..يعانق أغصان شجر حديقته يطمئنها أنها ستكون بخير بين يديه ....
يعني أن تقلّمي أظافرك الطويلة المطلية بلون أحمر الشفاه
وتضعي على رأسك ذلك الشال العنابي تلملمين في ثناياه بحياء خصلات شعرك الأسود المجنونة كي تشيب على مهلٍ وبدون ضجيج الصبا أو انتظار أعياد الميلاد وحساب أيام العمر ثم ترمي حذاءك ذو الكعب العالي وراءك رفقا بالأرض التي يعشق فما أطال الكعب العالي قامة ولا رفع هامة .. !!
يعني أن تبدأي نهارك مع شريفة فاضل في أغنيتها الشهيرة / فلاح كان فايت بيغني من جنب السور /...
وتغمضي عينيك آخر النهار مبتسمة على أغنية الموسيقار عبد الوهاب في أغنيته الشهيرة / ما احلاها عيشة الفلاح مطمن قلبه مرتاح / طبعا باللهجة القروية المحببة لقلبه ....وتوسّدي أحلامك الخاصة لاتوقظيها ....فالأرض تبتلع كل التفاصيل الخاصة به ولاتتسع لك وله ....
حين تتزوجي فلاحاً فلسطينيا يلمّع شعره على شعارات القضية والمنظمات والفصائل وكل ثرثرات السياسة وهو لايمت لها بصلة لكنه فلسطينياً ... يسمع الأخبار ويضعها جانبا كي يحمل البذور يلقح المستقبل بأحلام لاعلاقة للقادة لهم بها لكنها تثبت خطواته عملاقا تتناقل أخباره القنوات الفضائية حين يصد اعتداء لمعتدي على أحلامه وتفاصيلها الصغيرة .....
يعني أن تقتلعي الأرض من جذورها وتخيطيها رداء دافئا للشتاء وشالاً يحضن أنفاسه كي يبقى الهواء بينكما نقياً
وتنسجي عريشة من عناقيد العنب كي تظلل عليه حر الصيف ولهيب الشمس 
يعني أن تهمسي لكل ذرة تراب بأن لاتخذله حين يحلم بثمرة العمر منها وتختاري معه أحلام الغد ولا داعي لأحلامك أن تطل أو تعلن عن صوتها فهو يخطط لك وله ولكما معاً ....
ولا تقارني نفسك بسيارة يجددها كل سنة مهما كانت لك طلبات خاصة فهي في النهاية لكما وأنت من ستجلس بجانبه في الحل والترحال أميرة متوجةً لكن صامتة قدر ما تملكين من ضبط أعصابك....!!
حين تتزوجي فلاحا فلسطينياً بشهادة جامعية يعني أن تتجولي في خياله معه مبتسماً وهو يخبرك بأمنيته أن يدخل عليك مصطحبا بقرة تدر لكما نتاج الطبيعة فأنت في الأول والأخر منها وإليها / أي الطبيعة مش البقرة smile‏ رمز تعبيري / ولم التكبر...؟ 
وأن تبتسمي حين ينظر إليك وأنتما تتناولان وجبات المدنية الحديثة على سفرة الطعام وتجدي في عينيه صورة لفرن الطابون كي تعجني وتخبزي ولاتناقشيه فهناك من أتت من بلاد العجم ونافست الفلاحات في أعمالهن ...!
ولم الإعتراض فأنت تغزلين أجمل ألحان الطبيعة لأحلامه كي يبقى شهريار ناعم البال رضي النظرة بلون الزعتر الأخضر ومواسم الزيتون 
ثم كلما تجول في حديقته لاتنسي أن تدندني له الجملة الشهيرة للأديب توفيق الحكيم من إحدى مسرحياته 
/
ياطالع الشجرة هاتلي معاك بقرة تحلب وتسقيني بالملعقة الصيني/

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق