Translate

الجمعة، 19 سبتمبر 2014

قيس في موسكو بقلم ليلى الحموي



قيس في موسكو
بقلم ليلى الحموي
سوريا


كنتُ أفكر في شيء ما بعيداً عن هذا العالم ، أفكر بعدد الخطوات القليلة التي يمكن أن أصل بها إلى البيت بسرعة ، وكيف أدفيء جسدي بعيدا عن هذا البرد الشديد الذي سبق الشتاء ؟ وأفكر أيضاً كيف أحضر لأمي قالبَ حلوى ضيافةً لصديقتها ؟ وكنتُ أفكر كيف يمكن الحصول على الكتاب المفيد الذي تحدث عنه صديقي في " الفيس بوك ؟"
كنت ُ أفكر بأشياء كثيرة صعبة جداً . حين ركلتُ بقدمي كتابا على حافةِ الطريق ، رفعتُ رأسي عن الأرض وتوقفتُ عن التفكير المستمر ، هذه الطريق لم تكن المؤدية إلى بيتي
كانت تعبق برائحة غريبة ، يبدو مكانا قديما لا أدري كيف وصلت إليه؟.
شعرتُ أنه من الضروري الاعتذار لبائع الكتب.
قلت بالروسية " ايزفينيتي " .. أعتقد أنه لم يسمعني
كان يبدو أنه مشغول في قراءة الكتاب الذي بين يديه ،
وقفتُ عدة دقائق أمام الكتب ، أقرأ عناوينها بشكل سريع ،
لم يرفع رأسه عن الكتاب ليدعوني إلى الشراء
ربما كان معتادا ألا يبيع كتابا واحدا إلا كلّ عدة شهور ، كان يبتسم بصمت بين الثانية والأخرى ، أعتقد أنه يقرأ قصة حب جميلة ، تذكرتُ أن اسأله عن الكتاب الذي في بالي ،
رفع رأسه ، ونظر إليّ باستغراب
شعرتُ أنه لربما كان السؤال غبيّا جداً
هل من المعقول أن أسأل عن كتاب باللغة العربية في مثل هذا المكان !!؟
قال بالروسية : لا يوجد ، نظرإلى كتابه ، وتابع القراءة
كان يجلس بين أكثر من ألف كتاب
كان المكان يعبقُ برائحة " تشيخوف" الذي أحبه .
فجأة قال لي : ما اسمكِ ؟ قلت ليلى
قال : هل تعرفين قيس ؟
أجبته بسرعة : نعم .. بالتأكيد .. !
لكن لم أعرف عن أي قيس يسأل ؟ ! ولماذا لم يقل : هل تعرفين الذئب مثلاً ؟ ، هل يمكن أن يعرف قصة حب " قيس وليلى " ، أو أنه يعرف صديقي الملقب ( قيس ) الذي يسكن في المنطقة الحارة من الكرة الأرضية ، ويرسل لي نسمات دافئة مع ندف الثلج الذي يهطل في موسكو .
وقفت صامتة أمامه قال : لا تفكري في شيء .. فقط اقرأي ، اقرأي ليلى .
شعرتُ أنه يعرفُ كل الأشياء التي أفكر بها
قال لي كلما تقرأين أكثر تشعرين بالحياة ، وتفسرين كلّ الأشياء ،ولن تجدي صعوبات ، وتكتشفين بنظرة واحدة كل ما تريدين .
كأنه كان يقول لي قرأتُ وجهك في كتاب ما ، وأعرف بماذا تفكرين ؟
تساءلتُ هل الذين يقرأون الكتب يستطيعون قراءة الوجوه والأفكار ؟!
........
ليلى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق