Translate

السبت، 2 أغسطس 2014

"منشورٌ فيه شيء من غضب اعذروني" بقلم الكاتبة هيفاء الحاج حسين



"منشورٌ فيه شيء من غضب اعذروني"
بقلم الكاتبة هيفاء الحاج حسين

لم أكن أعرف بأن اللبناني يلقب السوري بالـ "نوري".. لا أدري كيف يمكن للإنسان أن يشعر بتفوقه على الآخر من خلال مرتبةٍ اجتماعية أو عنصرية .. لكنني للصراحة حين ذهبت لبنان لأول مرة شعرت بالتفوق ولكن الوجداني.. كنت اعتقد بأنني سأتواجه مع مجتمعٍ جميلٍ كمجتمع الرحابنة في مسرحهم.. لكنني فوجئت حتى بعدم اكتراثهم بالإرث الرحباني.. مع ذلك لم اطلق صفةً عامة على لبنان وبحثت لشعبه عن المبرر الذي يجعله كذلك.

حين كنت في الجامعة صادقت كل الأجناس.. بطبعي أحب الاختلاف.. كان لي صديق من غينيا.. أسود البشرة لكأنه الليل, وحين يفتر ثغره بابتسامة تشعر بأن الليل مقمر ٌبشكل ساحر..
صدمني آنذاك تعامل الناس مع المشهد.. حيث حضرت معه فيلماً بالسينما وتجولت وإياه في الأسواق بكل براءة.. أحرجوني جداً بنظراتهم المستهجنة, وأسمعونا كلاماً جارحاً استفزه مرة للدرجة التي تهيأ فيها للانقضاض على شابٍ تافه رمانا بضحكة وبكلمةٍ تؤذي مشاعري كأنثى.. كانت له قبضة رهيبة أحمد الله أنني استطعت منعه من النيل منه وإلا لربما كان أرداه قتيلاً..
وبقدر خشونة ملامحه بقدر رقة معشره و أناقة حضوره وصدق سريرته.. مذ ذاك وأنا أصادق كل ذي بشرةٍ سوداء من العرب أو من الأفارقة الآخرين كنوعٍ من التحدي ولأساهم في تعويد الناس على أمرٍ لم يعتادوه..

ماذا نعرف من إسلامنا؟..
من مسيحيتنا؟..
من إنسانيتنا؟.. القشور للأسف..

أيها اللبناني الذي لم يرفد البشرية باختراعٍ ينتشلها من معضلةٍ ما.. من زرع فيك هذا الوهم بالتفوق؟.. مثلك كمثل كل عربيٍ نعيش عالةً على الغرب الذي يقدم لنا إنجازاتٍ قضى علماؤه سنيناً طويلةً من البذل والعطاء من أجل تحقيقها مقابل نفطنا وتسخيرنا كأسواقٍ مستهلكة لصناعاتهم..
كرهت الانتماءات كلها..
ما عدت أريد إلا انتماء وحيداً: انتمائي للإنسان الإنسان..
تحرروا من موروثكم الغبي أيها العرب المهمشين, وأنتم تعيشون خارج التاريخ.. عالةً على البشرية..
تتقنون فن التلامز الساخر والاقتتال..

يا له من فنٍ وضيع!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق