قيس في
موسكو
بقلم ليلى الحموي
سوريا
كنتُ أفكر في شيء ما بعيداً عن هذا
العالم ، أفكر بعدد الخطوات القليلة التي يمكن أن أصل بها إلى البيت بسرعة ، وكيف أدفيء
جسدي بعيدا عن هذا البرد الشديد الذي سبق الشتاء ؟ وأفكر أيضاً كيف أحضر لأمي قالبَ
حلوى ضيافةً لصديقتها ؟ وكنتُ أفكر كيف يمكن الحصول على الكتاب المفيد الذي تحدث عنه
صديقي في " الفيس بوك ؟"
كنت ُ أفكر بأشياء كثيرة صعبة جداً
. حين ركلتُ بقدمي كتابا على حافةِ الطريق ، رفعتُ رأسي عن الأرض وتوقفتُ عن التفكير
المستمر ، هذه الطريق لم تكن المؤدية إلى بيتي
كانت تعبق برائحة غريبة ، يبدو مكانا
قديما لا أدري كيف وصلت إليه؟.
شعرتُ أنه من الضروري الاعتذار لبائع
الكتب.
قلت بالروسية " ايزفينيتي
" .. أعتقد أنه لم يسمعني
كان يبدو أنه مشغول في قراءة الكتاب
الذي بين يديه ،
وقفتُ عدة دقائق أمام الكتب ، أقرأ
عناوينها بشكل سريع ،
لم يرفع رأسه عن الكتاب ليدعوني إلى
الشراء
ربما كان معتادا ألا يبيع كتابا واحدا
إلا كلّ عدة شهور ، كان يبتسم بصمت بين الثانية والأخرى ، أعتقد أنه يقرأ قصة حب جميلة
، تذكرتُ أن اسأله عن الكتاب الذي في بالي ،
رفع رأسه ، ونظر إليّ باستغراب
شعرتُ أنه لربما كان السؤال غبيّا
جداً
هل من المعقول أن أسأل عن كتاب باللغة
العربية في مثل هذا المكان !!؟
قال بالروسية : لا يوجد ، نظرإلى
كتابه ، وتابع القراءة
كان يجلس بين أكثر من ألف كتاب
كان المكان يعبقُ برائحة " تشيخوف"
الذي أحبه .
فجأة قال لي : ما اسمكِ ؟ قلت ليلى
قال : هل تعرفين قيس ؟
أجبته بسرعة : نعم .. بالتأكيد .. !
لكن لم أعرف عن أي قيس يسأل ؟ ! ولماذا
لم يقل : هل تعرفين الذئب مثلاً ؟ ، هل يمكن أن يعرف قصة حب " قيس وليلى
" ، أو أنه يعرف صديقي الملقب ( قيس ) الذي يسكن في المنطقة الحارة من الكرة الأرضية
، ويرسل لي نسمات دافئة مع ندف الثلج الذي يهطل في موسكو .
وقفت صامتة أمامه قال : لا تفكري
في شيء .. فقط اقرأي ، اقرأي ليلى .
شعرتُ أنه يعرفُ كل الأشياء التي
أفكر بها
قال لي كلما تقرأين أكثر تشعرين بالحياة
، وتفسرين كلّ الأشياء ،ولن تجدي صعوبات ، وتكتشفين بنظرة واحدة كل ما تريدين .
كأنه كان يقول لي قرأتُ وجهك في كتاب
ما ، وأعرف بماذا تفكرين ؟
تساءلتُ هل الذين يقرأون الكتب يستطيعون
قراءة الوجوه والأفكار ؟!
........
ليلى